قصتي مع التوبة..



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*********************************************


اخواتي الفاضلات :
هذه
قصتي عن تجربتي مع التوبة ..احببت ان ارويها لكن كما عشت تفاصيلها بالضبط ..هذه الواقعة مضى عليها لحد الآن ازيد من10 سنوات ..كنت وقتها ما زلت عازبة ..ويافعة ..وقد بدأت انشغل بامور الدين وكل القنوات الفضائية التي تنقل الينا الدورات الاسلامية ومحاضرات المشايخ الدينية .....بالاضافة على قراءة الكتب الدينية ..وكل كتب الفتاوى الشرعية ..الخ .
وكي لا اطيل عنكن اكثر
اليكن
قصتي :
في يوم من ايام فصل الربيع الجميلة كان الجو شبه ممطر والشمس لا تكاد تشرق حتى تغيب مرة أخرى
جلست الى التلفاز كعادتي اتابع لأحد مشايخنا الكبار احدى محاضراته عن
التوبة ..فضلها ..ومزاياها الكثيرة
كنت مشدودة الى حديثة الممتع ..حتى أنني لم اشعر بالوقت ينسل مني الا وقد بدأ شيخنا يختم كلامه بمسألة كانت بالنسبة لي كمسك الختام ..هذه المسألة استوقفتني كثيرا بعد ان شغلتني كثيرا وهزت كل كياني هزا ..
اقترح شيخنا الفاضل تجربة وأكد مفعولها الكبير لكل من له الرغبة الشديدة في
التوبة والوقوف بين يدي الله والاقبال عليه بقلب خاشع ، وما كان الا ان قررت ان اخوض التجربة واقدم عليها بقلب كله ضعف وخوف .
وكان ما سأقصه في الحال :
انفردت في ليلة بنفسي في حجرتي وقد ساد سكون غريب على كل ارجائها ، احضرت مذكرتي وسحبت ورقتين منها وأخذت القلم وكتبت في راس الورقة الأولى : قائمة بنعم الله عز وجل علي ، وكتبت في راس الورقة الثانية : قائمة بما ارتكبت من معاصي وذنوب .
وعلى الورقة الأولى شرعت اكتب ما اتذكره من نعم الله علي في ذات نفسي ..فيما حولي ..بكل ما تتعلق به حياتي ..وأخذت اكتب وأكتب وأنا أرى نعم الله تتهاوى أمام عيني ..كلما كتبت نعمة تولدت عنها أخرى تتعلق بها أو تقوم عليها ..
ومما كتبته :
نعمة العقل ..نعمة الآسلام ..نعمة الذاكرة والقدرة على التمييز ..حسن الكلام ونعمة اللسان نعمة كبرى نعمة الصبر ..نعمة القراءة والكتابة ..نعمة الشم ..نعمة التذوق ..نعمة الاحساس ..نعمة القدرة على التمييز بين الحق والباطل ..
وما زلت أكتب وأكتب حتى اكتملت الورقة الأولى ولم يكتمل بعد شريط العرض لنعم الله علي ..فسحبت ورقة أخرى وواصلت كتابة النعم ..نعمة الوجود أصلا ..وكيف هدى الله والداي لاختيار اسم جميل لي ..نعمة الصحة وسلامة البدن وكمال الاعضاء ..نعمة السمع والحركة .....الخ
واذا بي اقف عاجزة بعد ان أكملت الورقة الثانية مما أتذكر من نعم الله علي وقد رأيتني أشبه بالغريق في يم عظيم ، واكتفيت بما كتبت وأنا أردد في قرارة نفسي (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الله لغفور رحيم)
ثم انتقلت الى القائمة الثانية ..
وقلبي ينبض مهتزا بشعور الحياء من الله ..
أخذت أكتب بتثاقل ما أتذكره مما ارتكبت من ذنوب ومعاصي وزلات التي اغترفتها بكلتا يدي وكنت لا أزال متلطخة بكثير منها ..
وكذلك لم انسى أن أكتب ما ابتليت به من التقصير في الاقبال على الفرائض والتكاسل عنها وكثرة الاهمال والتسويف والمماطلة والانجذاب نحو ملاهي الحياة الكثيرة...
ومما كتبته :
خطايا باللسان كثيرة ..من غيبة ونميمة وسوء الظن بالغير وسخرية بالناس وباحوالهم ..وكذب ..وهدر قول في سفساف الأمور ..وخطايا بالعين من نظر لا يحل الى أمور لا يرضى الله عنها .. ومتابعة لساعات لما ضره أكثر من نفعه ..وخطايا بالاذن من سماع ما كرهه الله كالاستماع الى الأغاني وصور كثيرة من عقوق الوالدين وعدم الخضوع لأوامرها ونحو ذلك كثير .....
وكتبت وكتبت .. واذا بها هي الأخرى تتدفق علي كالسيل الجارف وتتوالد واحدة تلو الأخرى
طقطقت رأسي في حياء ..فقد كنت أحس بوجود الله معي ..وبانه يراني ويسمعني وهو العالم بأمري
ضاق صدري واختنقت انفاسي وسالت عيني بدمع ساخن حرق خذي وتجاوبت له روحي
وفي لحظة شعرت برغبة قوية في التغيير ..رفعت رأسي بثبات ، وبجهد كبير استطعت ان افتح عيني وانظر الى الأعلى ..شيء كالطيف مر بسرعة البرق أما ناظري ..خفق له قلبي ،
انه بصيص الأمل ..
وسمعت روحي تخاطبني في حنية بالغة
علام تبكين يا نعمة ؟؟ كوني متفائلة ..ما زال الوقت أمامك ..توبي الى الله ..الله عظيم وعفوه كبير ورحمته وسعت كل شيء
وبشكل سريع مرت كل آيات
التوبة التي أعرفها بمخيلتي ..فقمت كالمذعورة والفرحة تغمرني ..فتحت نافذة غرفتي ونظرت الى السماء ..كم كانت فسيحة ومدهشة ..رفعت كفاي وناديت ربي بصوت خافت وساقاي لا تكادان تحملاني ما بين الخوف من قوله تعالى " ان الله شديد العقاب " والشعور بالأمان من قوله " انه غفور رحيم "
اعلنت توبتي أمام ربي
وتوسلت اليه جلت قدرته بان يباعد بيني وبين خطاياي كما باعد بين السماء والأرض وبأن ينقيني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ويغسلني منها بالماء والثلج والبرد ..وتلوت سيد الاستغفار ..واتبعته آية الكرسي ومسحت دموعي وعدت الى فراشي وكلي تقة بنفسي ورضى على حالي ونمت نوما هادئا ومريحا جدا ..أقسم لم اتذوق مثله من قبل .
وكانت ليلة من أجمل ليالي عمري
وفي الصباح استيقظت على ترانيم آذان صلاة الفجر فعلمت أنه يوم جديد من حياتي ..شكرت الله وحمدته على نعمة الحياة ..وأيقنت أنه منحني فرصة أخرى لتقويم ما اعوج من سلوكي ..فهممت بكل حزم ألبي النداء ، وقد غمرني شعور جميل لا استطيع وصفه ..توجهت الى القبلة بعدما احسنت وضوئي ووقفت أمام الله اصلي صلاة الفجر وكنت احس باطمئنان كبير وكأنني لست أنا ..كأنني انسانة قد ولدت للتو ..صافية نقية لم تدنس بعد ..وقد اسعدني شعوري ذاك كثيرا ..
ومنذ ذلك الوقت وأنا أواظب دائما على أداء فرائضي على أحسن وجه واحرص دوما على الابتعاد عن كل ما يغضب الله وملأت قلبي بحب الناس ..وفعل الخير قدر ما استطيع ...والحمد لله فلا شيء ابدا يجعل النفس مرتاحة مثل الرجوع الى الله والامتثال بين يديه جل شأنه .
همسة
*****
اختي الحبيبة :
ان شعرت يوما أنك مقصرة في طاعة الله ، فسارعي الى
التوبة ..فالمرء منا لا يدري متى تحين ساعته .
دمتن الى الله اقرب
ارجو ان تروق لكن
قصتي
*****************


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقتطفات من قصيدة : الى متى أنت باللذات مشغول للبوصيري

اذا قل ماء الحياء ..قل ماء الحياة

مقاصد سورة ابراهيم